top of page
بحث

نبذة عن كتاب من المسؤول للدكتور احمد سليمان ابوعيشة


ree

في عالمٍ يزداد فيه الإنسان شعورًا بالعجز أمام ضغوط الحياة، وتبدو فيه الظروف الخارجية متحكمة بمصائر الأفراد، يأتي كتاب «من المسؤول؟» ليقلب هذه القناعة رأسًا على عقب، عبر تجربة إنسانية واقعية عاشها المؤلف بكل تفاصيل الألم والانكسار، ليخرج منها بقانون وجودي عميق:

الإنسان هو الخالق الأول لواقعه… والداخل يسبق الخارج حتمًا.

الكتاب ليس تنظيرًا فلسفيًا، ولا وعظًا دينيًا، بل بناء تجريبي يبدأ من قصة شخصية حقيقية.يروي المؤلف رحلته من قمة نجاح مهني ومالي باهر—كطبيب أسنان ناجح ومالك لمشروع مزدهر—إلى خسارة هائلة أصابته في ماله وسمعته وثقته.تتوالى الأحداث سريعًا:استثمارات، توسّعات، شركاء، ثم خيانة، ديون، نزاعات، قضايا، وانهيار شبه تام من المسؤول نهائي

وسط هذا الزحام المؤلم، يتولّد سؤالٌ مُلِحّ:

من المسؤول؟

هل هو الشريك الذي خانه؟هل هو ذلك “المستثمر” الذي خدعه؟الظروف الاقتصادية؟البنوك؟القدر؟الله؟الناس؟أم… هو نفسه؟

بهذا السؤال تبدأ رحلة بحث فكري وروحاني طويلة.يواجه المؤلف خلالها ذاته، قراراته، ومعتقداته التي ربما تشكلت دون وعي.ورغم ما عاشه من ضيق، كان مستعدًا للتخلص من فكرة الضحية، والدخول في مساحة معرفية جديدة، جوهرها أن الأفكار تسبق الأحداث؛ وأن حياة الإنسان هي انعكاس لما يُكنّه داخليًا من قناعات ومشاعر من المسؤول نهائي

هنا ينتقل الكتاب من السرد إلى التحليل، ومن الحكاية إلى الفلسفة، حيث يطرح المؤلف أسئلة وجودية وذهنية مثل:

  • لماذا تتكرر الخسائر؟

  • هل للنية دور في صياغة المصير؟

  • ما العلاقة بين الفكر والواقع؟

  • كيف يُعيد الخوف تشكيل حياتنا؟

  • هل نحن ضحايا العالم… أم صانعوه؟

ينفتح البحث على مستوى أعمق، فيتأمل المؤلف النصوص القرآنية، ويبحث في مفهوم الرزق كما قرأه وفهمه، ليصل إلى قناعة مفادها أن الرزق لا ينتظر الجهد وحده، بل ينتظر “حالة” الإنسان ووعيه.فالإنسان لا يجتذب إلى حياته ما يريد بلسانه، بل ما يشعر به داخليًا، وما يتبناه من أفكار حقيقية عن نفسه والعالم من المسؤول نهائي

هذه النقلة الفكرية تدفعه إلى إعادة النظر في كل شيء:في مصادر قناعاته، علاقة العقل بالوعي، طبيعة التغيير، ودوره الحقيقي في خلق واقعه.يبدأ برصد التحول حين تتغير أفكاره… فتنفتح مسارات جديدة لم تكن محسوبة.فتظهر الفرص، وتتشكل العلاقات، وتعود الحياة لتسير بشكلٍ مختلف.

الكتاب يُبرز معايشة حيّة لمعادلة:

غيّر داخلك… يتغيّر خارجك.

وليس التغيير السطحي المبني على التمني؛بل التغيير الجذري الذي يبدأ حين نُوقف لوم الآخرين، ونتحمل مسؤولية أفكارنا وقراراتنا ومشاعرنا.

من أهم ما يميّز الكتاب:

  1. الصدق السرديالكاتب لا يجمّل تجربته ولا يخفي ضعفًا أو انكسارًا، بل يعرضها كما هي، الأمر الذي يُقربه من القارئ ويمنح قصته مصداقية عالية.

  2. السياق الواقعي للأفكارالأفكار ليست معزولة عن الواقع، بل هي جزء من معاناة حقيقية، بحيث تُصبح النظريات أدوات للنجاة لا شعارات.

  3. الانتقال من التجربة إلى الوعيالكتاب لا يكتفي بالقص، بل يتفكّر ويُعيد التحليل، ليربط الأحداث الداخلية بتجلياتها الخارجية.

  4. تفكيك مفهوم “القدر والرزق”يعيد الكتاب بناء فهم علاقتنا بالمشيئة الإلهية، في اتجاه يجعل الإنسان مشاركًا لا متفرجًا، صانعًا لا مُساقًا.

  5. لغة بسيطة وشفافةبعيدة عن التعقيد، وتخاطب القارئ كإنسان يعيش التجربة لا كطالب علم مجرد.

في النهاية، يخرج القارئ برسالة عميقة:

لا أحد مسؤول عن حياتك سواك.

وأن الاعتراف بالمسؤولية ليس جلدًا للذات، بل بوابة الحرية.حين نُدرك أننا مسؤولون، نستعيد قوة الاختيار… ومعها تبدأ المعجزة.

«من المسؤول؟»كتاب يوقظ بداخلك سؤالًا ستحتاج أن تجيب عنه أنت:

هل ستبقى متفرجًا؟أم ستبدأ رحلة استعادة السيطرة على حياتك؟

إنه أكثر من كتاب…إنه دعوة للصدق مع الذات والعودة إلى الداخل.

 
 
 

تعليقات


bottom of page